الذهب إلى القمة | توقعات مذهلة من أحد أكبر البنوك العالمية ! هل يصل 6000$

الذهب إلى القمة، مذكرة بحثية أثارت اهتمام المستثمرين والأسواق العالمية، توقّع محللو بنك جي بي مورجان أن يشهد الذهب قفزة قياسية قد تدفعه إلى مستويات 6000 دولار للأوقية بحلول عام 2029. ويعتمد هذا السيناريو على فرضية بسيطة ولكنها ذات أثر بالغ، تتمثل في قيام المستثمرين الأجانب بتحويل 0.5% فقط من أصولهم الأمريكية نحو المعدن الأصفر.
الطلب الخفي يقود الصعود
بحسب الخبراء في “جي بي مورجان”، فإن هذا التحويل الطفيف في توجهات الاستثمار يمكن أن يؤدي إلى نمو سنوي في أسعار الذهب بنسبة 18% تقريبًا، مما يضعه في مسار صعودي طويل الأمد.
ويعود السبب في هذه القفزة المحتملة إلى محدودية المعروض العالمي من الذهب، إذ أن كميات الإنتاج الجديدة لا تواكب حجم الطلب العالمي المتزايد، مما يجعل السوق أكثر حساسية تجاه أي زيادة في الطلب.

التقلبات الجيوسياسية ترفع شهية الذهب
من الجدير بالذكر أن هذا التوقع يأتي في وقت يشهد فيه الذهب موجة صعود قوية منذ بداية العام، إذ ارتفعت أسعاره بأكثر من 20% نتيجة تصاعد حالة الغموض في الأسواق العالمية، لا سيما تلك المرتبطة بالسياسات التجارية والاقتصادية الأمريكية.
التحركات السياسية، وتغير توجهات البنوك المركزية، وزيادة التوترات الجيوسياسية كلها عوامل تعزز مكانة الذهب كملاذ آمن، مما يدفع المستثمرين لتكديسه على المدى الطويل.
تحويل الأصول… أثره أكبر مما تتخيل
تشير مذكرة البنك إلى أن تحويل 0.5% فقط من إجمالي الأصول الأمريكية المملوكة للأجانب يمكن أن يضخ نحو 273.6 مليار دولار في سوق الذهب خلال أربع سنوات فقط، ما يعادل حوالي 2500 طن متري من الذهب.
وهذه الكمية كفيلة بإحداث تغييرات جوهرية في الأسعار، خاصة في ظل محدودية العرض.
ويؤكد المحللون:
“رغم أن هذا السيناريو افتراضي، إلا أنه يكشف عن سبب نظرتنا الإيجابية طويلة المدى للذهب. نعتقد أن الأسعار لم تصل بعد إلى ذروتها، ولا تزال تمتلك مجالًا واسعًا للنمو خلال السنوات القادمة.”
ما هو الوضع الحالي لأسعار الذهب؟
في وقت إعداد هذا التقرير (منتصف مايو 2025)، يتم تداول الذهب بالقرب من 3204 دولارًا للأوقية، بعدما سجّل انخفاضًا يوميًا بنحو 1.1%.
ورغم التراجع اللحظي، فإن المؤشرات الفنية تشير إلى اتجاه صعودي عام مدعوم بزخم مستمر من المستثمرين، خصوصًا في ظل مخاوف الركود والتباطؤ الاقتصادي العالمي.
الذهب لا يزال في مركز الاهتمام كأداة تحوط قوية، وخصوصًا بعد تخفيضات الفائدة الأخيرة من البنوك المركزية وتباطؤ ثقة الأسواق في قوة الدولار.

العوامل الاقتصادية التي تدعم ارتفاع الذهب على المدى الطويل
عند تحليل توقعات صعود الذهب إلى مستويات غير مسبوقة، من الضروري النظر في العوامل الاقتصادية الكبرى التي تدعم هذا الاتجاه. في مقدمتها ارتفاع معدلات التضخم عالميًا نتيجة السياسات التوسعية للبنوك المركزية، خصوصًا بعد الأزمات المالية المتلاحقة، مثل جائحة كورونا، والحروب الجيوسياسية، والتوترات في سلاسل الإمداد.
في مثل هذه البيئات، يتحول الذهب إلى أداة تحوط طبيعية، حيث يسعى المستثمرون إلى حماية قيمة أموالهم من التآكل. كما أن التخوف من تراجع فعالية العملات الورقية – وعلى رأسها الدولار الأمريكي – يعزز من رغبة المستثمرين والمؤسسات في تنويع محافظهم الاستثمارية عبر أصول حقيقية مثل الذهب.
ومن ناحية أخرى، فإن سياسات البنوك المركزية حول العالم – مثل رفع أو خفض أسعار الفائدة – تلعب دورًا جوهريًا في تحديد مسار الذهب. فعندما تنخفض العوائد الحقيقية على السندات أو الحسابات الادخارية، يتجه المستثمرون تلقائيًا نحو الذهب بوصفه استثمارًا آمنًا لا يفقد قيمته بسهولة، بل غالبًا ما ترتفع قيمته في مثل هذه الظروف.
هل نقترب من عصر جديد للذهب؟ قراءة استراتيجية للمستقبل
في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة، يتساءل كثير من المحللين: هل نحن على أبواب عصر ذهبي جديد؟
العديد من المؤشرات تؤكد هذه الفرضية. بداية من تزايد التوترات الجيوسياسية بين القوى العالمية، وصولًا إلى توقعات تباطؤ الاقتصاد العالمي، وارتفاع مديونية الدول الكبرى، وهو ما يعزز الرغبة في اقتناء الذهب كملاذ طويل الأمد.
حتى في أسواق العملات المشفرة، التي لطالما اعتُبرت منافسًا شرسًا للذهب، بدأنا نلاحظ عودة الاهتمام بالمعدن الأصفر نظرًا لما يتمتع به من استقرار تاريخي وسمعة قوية في أوقات الأزمات.
كما أن توجه البنوك المركزية في العديد من الدول إلى زيادة احتياطاتها من الذهب، بدلاً من الاعتماد الحصري على الدولار، يمثل تحولًا استراتيجيًا كبيرًا في المشهد الاقتصادي العالمي. هذه التحركات تؤكد أننا لسنا فقط أمام موجة مؤقتة من الصعود، بل قد نكون بالفعل أمام مرحلة جديدة يصبح فيها الذهب أحد أبرز أعمدة النظام المالي العالمي.
ختامًا الذهب إلى القمة
رؤية جي بي مورجان بخصوص الذهب ليست مجرد أمنية، بل تستند إلى تحليلات دقيقة لسلوك الأسواق والمستثمرين. وإذا تحقق السيناريو المذكور، فإننا أمام عصر ذهبي جديد للمعدن النفيس قد يغيّر موازين القوة في الأسواق العالمية.
لذا، فإن مراقبة تطورات أسعار الذهب واستراتيجية البنوك العالمية تجاهه ستكون من العوامل الحاسمة لأي مستثمر يسعى لتحصين أمواله خلال السنوات القادمة.