مع زيادة اعتماد المستهلكين على المحتوى المرئي والقصص الاجتماعية، تبرز بعض الشركات كقادة في تحويل هذه التغيرات إلى فرص. إحدى هذه القصص المُلهمة جاءت من شركة Unilever، التي أعادت صياغة مفهوم التسويق الرقمي بالكامل من خلال حملة ذكية ومبتكرة لصابون Dove بنكهة الكوكيز.
القصة ليست فقط عن منتج جديد، بل عن نموذج ثوري في استخدام الذكاء الاصطناعي لتوسيع مدى الوصول، وزيادة التأثير، وتحقيق نتائج ملموسة.
التحدي الحقيقي كيف تحافظ على بريق العلامة في سوق مزدحم؟
واجهت Unilever مشكلة شائعة لدى العلامات الكبرى: كيف يمكنها المحافظة على علاقتها مع الجمهور الحديث، خصوصًا الجيل الجديد الذي يقضي معظم وقته في TikTok وInstagram؟ كيف يمكنها خلق محتوى متجدد وعاطفي في وقت أصبحت فيه الإعلانات التقليدية مملة ومتكررة؟
الإجابة جاءت من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، وتحديدًا في الذكاء الاصطناعي، ليس فقط لتوفير الوقت، ولكن لإعادة تخيّل كيف يمكن إنتاج وتوزيع المحتوى التسويقي بسرعة وذكاء وبشكل شخصي.
الحل الجريء إنشاء “توائم رقمية” للمحتوى ودمجها مع قوة المؤثرين
في يوليو 2025، كشفت Unilever عن اعتمادها الكامل على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في حملة Dove الجديدة، حيث قامت ببناء منظومة تسويقية قائمة على توليد المحتوى آليًا عبر ما يُعرف بـ “Digital Twins”. هذه التقنية تمكّن الفرق التسويقية من إنشاء نسخة رقمية من المنتج بكل تفاصيله – الشكل، التغليف، الرسالة التسويقية – بعدة لغات وأساليب تعبير، ما يسمح لها بتكييف المحتوى حسب السوق المستهدف والجمهور المستهلك.
إضافة إلى ذلك، أنشأت Unilever ما يُسمى بـ “Gen AI Content Studio”، وهو استوديو يعتمد على تقنيات Nvidia Omniverse لتوليد آلاف الصور والفيديوهات والمقاطع الدعائية أسبوعيًا.
لا يتوقف الأمر هنا، بل يتم دمج هذه الأصول الرقمية مع محتوى المؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. المؤثر يقدّم قصة أو مراجعة حقيقية، ثم تقوم المنظومة بإعادة تحريرها تلقائيًا بـ 10–20 نمطًا مختلفًا تناسب منصات مثل Reels، Shorts، TikTok وحتى Pinterest.
النتائج المذهلة أرقام تُثبت فعالية الدمج بين الإنسان والآلة
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة Wall Street Journal بتاريخ 8 يوليو 2025، تمكنت حملة Dove من تحقيق أكثر من 3.5 مليار انطباع على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الأولى فقط. وليس هذا فحسب، بل كشفت البيانات أن 52% من المشترين كانوا عملاء جدد، أي لم يتفاعلوا مع العلامة من قبل.
هذه النسبة غير مسبوقة في تاريخ حملات Unilever، مما يدل على أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لم يكن فقط خطوة تقنية، بل استراتيجية ذكية لإعادة إحياء العلاقة مع السوق.
كما ساعدت هذه التقنية على تخفيض التكاليف المرتبطة بإنتاج المحتوى، وزيادة المرونة في الاستجابة للتوجهات اليومية عبر الإنترنت. فعوضًا عن انتظار فريق التصميم والتحرير لأيام، أصبحت الشركة تنتج وتُطلق الحملات في غضون ساعات.
عنصر التميز تعدد المحتوى وتكييفه مع الثقافات والمنصات
الذكاء الاصطناعي مكّن الشركة من تنفيذ مفهوم “التسويق المحلي على نطاق عالمي” (glocalization). فكل مقطع فيديو يمكن إنتاجه بأكثر من نسخة بصرية ولغوية، لتُناسب جمهور الشرق الأوسط، أو أمريكا الجنوبية، أو أوروبا الشرقية، دون فقدان روح العلامة.
وبدلاً من ترويج إعلان واحد ضخم، أصبحت Unilever تبني قصصًا صغيرة مرتبطة بالمشاعر والتجارب الشخصية، ما يزيد من التأثير النفسي والعاطفي على المستخدم.
التفاعل السريع من ردود الفعل إلى تعديلات فورية
أحد أقوى مزايا استخدام الذكاء الاصطناعي في التسويق هو القدرة على الرصد والتحليل الفوري. فعندما لاحظ الفريق تفاعلًا قويًا مع نكهة “كوكي الشوكولاتة” في الأسواق الأمريكية، تم تعديل النسخ الترويجية لتُبرز هذه النكهة أكثر.
الأمر نفسه حدث في السوق الآسيوي، حيث أُعيدت صياغة الرسائل لتكون أقرب للذوق المحلي. كل ذلك جرى في أقل من 24 ساعة بفضل الأتمتة والتكامل بين وحدات التصميم، والتحليل، والتوزيع.
التوسع القادم ومؤثرون رقميون بالكامل وأتمتة كاملة لدورة حياة المنتج
لم تكتفِ Unilever بما حققته، بل وضعت خطة توسعية جريئة تهدف إلى إدخال المؤثرين الافتراضيين (AI-Influencers) ضمن حملاتها، وإدارة دورة حياة المنتج من التطوير إلى التسويق وحتى خدمة العملاء، عبر الذكاء الاصطناعي بالكامل. هذه الخطوة، إن نجحت، قد تخلق تحولًا جذريًا في صناعة التسويق الرقمي.
مقارنة حملة Dove التقليدية مقابل حملة Dove المدعومة بالذكاء الاصطناعي
| العنصر | الحملة التقليدية (قبل 2025) | الحملة المدعومة بالذكاء الاصطناعي (2025) |
|---|---|---|
| عدد المحتويات المنتجة أسبوعيًا | 5–10 فيديو وصورة | أكثر من 1,000 قطعة محتوى أسبوعيًا |
| استهداف السوق | موحّد على مستوى الدولة | مخصص لكل جمهور وثقافة ومنصة |
| زمن إعداد الحملة | من 2 إلى 3 أسابيع | من 24 إلى 48 ساعة |
| تكلفة إنتاج المحتوى | مرتفعة (فرق تصميم وتصوير ومونتاج) | أقل بنسبة 60% بفضل الأتمتة |
| نسبة العملاء الجدد | حوالي 20% | وصلت إلى 52% من المبيعات الجديدة |
| التفاعل على السوشيال ميديا | محدود ومركّز على إعلان واحد | أكثر من 3.5 مليار انطباع على منصات متعددة |
| أدوات التكنولوجيا المستخدمة | تقليدية (فوتوشوب، تصوير يدوي) | AI، Nvidia Omniverse، Digital Twins |
خلاصة
ما فعلته Unilever مع حملة Dove ليس مجرد تطور تقني، بل تحوّل استراتيجي كامل أعاد تعريف معنى التسويق في عصر الذكاء الاصطناعي. بالجمع بين الإبداع البشري وقوة الأتمتة، استطاعت الشركة أن تُحدث ضجة على وسائل التواصل، وتجذب جمهورًا جديدًا لم يكن مستهدفًا من قبل، وتحقق نتائج ملموسة على مستوى الأرباح والانتشار.
قصة نجاح Dove تُعد مثالًا حيًّا على أن مستقبل التسويق لن يكون فقط للمبدعين، بل لأولئك الذين يعرفون كيف يستخدمون البيانات والتكنولوجيا لصنع محتوى يصل إلى القلوب قبل الشاشات.
📎 رابط المصدر الرسمي للقصة والتقرير الكامل:
How Unilever Used AI to Make Soap Go Viral – WSJ
الأسئلة الشائعة 🔍
⭕ ما هي الفكرة الأساسية لحملة Dove التي أطلقتها Unilever في 2025؟
استخدمت Unilever الذكاء الاصطناعي لإنشاء آلاف المحتويات التسويقية تلقائيًا لصابون Dove الجديد بنكهة الكوكيز، وتم توزيعها عبر المؤثرين ومنصات التواصل لتحقيق أقصى انتشار وارتباط عاطفي مع الجمهور.
⭕ كيف ساهم الذكاء الاصطناعي في إنجاح الحملة؟
ساعد الذكاء الاصطناعي في تسريع إنتاج المحتوى، تخصيص الرسائل حسب الجمهور، تحليل البيانات لحظيًا، وإنشاء إصدارات متعددة من كل محتوى بشكل تلقائي لكل منصة.
⭕ ما هي النتائج الرقمية الفعلية لحملة Dove؟
حققت الحملة أكثر من 3.5 مليار انطباع اجتماعي على المنصات مثل TikTok وInstagram، كما شكّل العملاء الجدد 52% من إجمالي المشترين، وهو رقم قياسي لم تحققه الحملات السابقة.
⭕ ما هي أبرز أدوات الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها Unilever؟
اعتمدت Unilever على أدوات مثل Nvidia Omniverse لإنشاء التوائم الرقمية (Digital Twins)، إضافة إلى “Gen AI Content Studio” لتوليد المحتوى البصري والنصي تلقائيًا.
⭕ هل ستستخدم Unilever هذه التقنية في المستقبل؟
نعم، أعلنت الشركة عن نيتها تطوير مؤثرين رقميين (AI influencers) وتحقيق أتمتة شبه كاملة لحملات التسويق مستقبلًا، وتوسيع التقنية لتشمل خطوط منتجات أخرى.
⭕ لماذا اعتُبرت هذه الحملة نقطة تحول في التسويق الرقمي؟
لأنها جمعت بين الإبداع، التحليل الفوري، والذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى متجدد ومتعدد اللغات بسرعات غير مسبوقة، مع تحقيق نتائج قوية بأقل تكلفة ممكنة مقارنة بالحملات التقليدية.
