سعر صرف الليرة السورية والذهب اليوم 27 أكتوبر 2025

تعيش الأسواق السورية منذ سنوات حالة من التقلبات النقدية المستمرة، انعكاساً مباشرًا للظروف الاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية. وتُعد أسعار الصرف أحد أهم المؤشرات التي يقيس بها المواطن والتاجر والمستثمر الوضع الاقتصادي اليومي، إذ تؤثر بشكل مباشر في القوة الشرائية، وسعر السلع الأساسية، وتكلفة الاستيراد، بل وحتى في قيمة المدخرات المحلية.

في هذا السياق، شهدت الليرة السورية اليوم الاثنين، الموافق 27 أكتوبر 2025، تحسناً طفيفاً أمام الدولار الأمريكي وبقية العملات الأجنبية، بعد فترة من الاستقرار النسبي خلال الأسبوع الماضي. ويرى محللون اقتصاديون أن هذا التحسن الطفيف يعود إلى تدخلات محدودة في سوق القطع الأجنبي، وارتفاع حجم الحوالات الخارجية مع اقتراب موسم الشتاء.

أما في المقابل، فما زالت أسعار الذهب مستقرة نسبياً مقارنة بالأيام السابقة، مع تراجع طفيف في سعر الأونصة العالمية، ما انعكس بشكل بسيط على أسعار الغرام في السوق المحلية.

ويُظهر الجدول أدناه أحدث أسعار الصرف في الأسواق السورية غير الرسمية (السوق الموازية) بحسب آخر التحديثات، مع توضيح فروق المبيع والشراء بين العملات.

جدول أسعار الصرف في سوريا (2025-10-27)

تحليل عام لأداء الليرة السورية اليوم:

من خلال البيانات أعلاه، يمكن ملاحظة أن الليرة السورية حققت تحسناً طفيفاً أمام الدولار الأمريكي، بمعدل يقارب 10 ليرات في المبيع والشراء، ما يُعد مؤشراً محدوداً لكنه إيجابي في سياق الاتجاه العام الذي كانت فيه الليرة خلال الأسابيع الماضية.

ويرجع هذا التحسن المحدود إلى عدة عوامل:

1. زيادة عرض العملة الأجنبية في السوق بسبب الحوالات القادمة من الخارج، لا سيما من المغتربين مع اقتراب موسم الإنفاق الشتوي.
2. استقرار أسعار الطاقة نسبيًا في الأسواق العالمية، ما قلل الضغط على الطلب المحلي على الدولار لتمويل الاستيراد.
3. تشديد الرقابة المصرفية على عمليات الصرافة غير المرخصة، وهو ما ساهم في تقليص المضاربات في السوق السوداء.

إلا أن هذا التحسن لا يعني بالضرورة استقراراً طويل الأمد، فالعوامل الاقتصادية الأساسية ما زالت تُظهر هشاشة كبيرة في البنية النقدية، خصوصاً في ظل استمرار معدلات التضخم المرتفعة، وضعف الإنتاج المحلي، واعتماد السوق على الاستيراد في معظم السلع الاستهلاكية.

الليرة السورية مقابل العملات الإقليمية:

الملفت في تداولات اليوم هو أن الليرة السورية لم تشهد تغيرات تُذكر أمام الليرة التركية والجنيه المصري، إذ استقرت تقريباً حول مستوى الأمس مع تراجع بسيط في سعر الشراء. ويُفسّر هذا الاستقرار الجزئي بأن أسواق الجوار الإقليمي — خصوصاً تركيا ومصر — تشهد بدورها تغيرات طفيفة في أسعار الصرف، ما يجعل التأثير المباشر على السوق السورية محدوداً.

أما أمام الريال السعودي والدينار الأردني والدرهم الإماراتي، فقد سجلت الليرة انخفاضات طفيفة تتراوح بين 2 و14 ليرة سورية، وهي تحركات طفيفة تُعزى إلى ارتباط تلك العملات بالدولار الأمريكي مباشرة. في حين استمر الدينار الكويتي في تسجيل أعلى قيمة بين العملات المتداولة، إذ تجاوز 38 ألف ليرة سورية، ما يعكس الفارق الكبير في القوة الشرائية بين العملتين.

جدول أسعار الذهب في سوريا (2025-10-27)

تحليل سوق الذهب:

استقر سعر الذهب في السوق السورية اليوم عند مستويات مرتفعة نسبياً، رغم تراجع طفيف في سعر الأونصة العالمية إلى حدود 4040 دولاراً. ويُعزى ثبات الأسعار المحلية إلى استمرار ارتفاع تكاليف التصنيع والضرائب المفروضة، إضافة إلى تذبذب سعر الصرف الذي لا يسمح بانعكاس فوري لأي انخفاض في الأسعار العالمية.

يبقى الذهب في سوريا ملاذاً آمناً للأفراد الذين يسعون للحفاظ على قيمة أموالهم، خصوصاً في ظل تراجع الثقة في الليرة المحلية، وهو ما يفسّر استمرار الإقبال على شراء السبائك والمجوهرات بالرغم من الأسعار العالية.

نظرة اقتصادية أوسع:

من المهم الإشارة إلى أن استقرار سعر الصرف لا يتحقق بالقرارات المؤقتة أو التدخلات اليومية في السوق، بل يحتاج إلى إصلاحات اقتصادية متكاملة تشمل:

• تنشيط القطاعات الإنتاجية المحلية.
• جذب الاستثمارات الخارجية.
• إعادة هيكلة النظام المصرفي والرقابة المالية.
• تعزيز الشفافية في حركة النقد والتحويلات.

وتشير التوقعات إلى أن الليرة السورية ستظل ضمن نطاق تقلب محدود خلال الأسبوع القادم، ما لم تحدث تطورات اقتصادية كبيرة أو تدخلات جديدة من المصرف المركزي.

ختاماً

باختصار، يمكن القول إن الليرة السورية أظهرت اليوم تحسناً طفيفاً أمام الدولار والعملات الأجنبية، في حين بقيت أسعار الذهب شبه مستقرة مع ميل خفيف للتراجع.

هذا الاستقرار النسبي يبعث بعض الارتياح في الأسواق، لكنه لا يعني تحسناً جذرياً في الوضع الاقتصادي، إذ ما زال يعتمد بدرجة كبيرة على التحويلات الخارجية والرقابة الحكومية المؤقتة على سوق الصرف.

ومع ذلك، فإن مراقبة الأسعار عبر القنوات الرسمية — خصوصاً المصرف المركزي السوري — تبقى الوسيلة الأكثر أماناً لمعرفة الاتجاهات الحقيقية في السوق وتجنّب التلاعب السعري.

ويظل التحدي الأكبر أمام الاقتصاد السوري هو تحقيق توازن حقيقي بين استقرار العملة وتحسين مستويات المعيشة، وهو ما يتطلب إصلاحات اقتصادية شاملة على المدى الطويل.