سعر صرف الريال اليمني اليوم 29 أكتوبر 2025

شهد سوق الصرف اليمني اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025 حالة من الاستقرار النسبي في صنعاء مقابل استمرار التذبذب في عدن، وهو ما يعكس الانقسام المالي والاقتصادي القائم بين مناطق سيطرة البنك المركزي في صنعاء والبنك المركزي في عدن. وقد استقر سعر صرف الريال اليمني في صنعاء أمام الدولار الأمريكي عند مستويات قريبة من الأيام السابقة، في حين شهد تراجعًا طفيفًا في عدن نتيجة ضغوط السوق المحلية وازدياد الطلب على العملات الأجنبية.
يمثل سعر الصرف في اليمن مؤشرًا أساسيًا على حالة الاقتصاد الوطني، إذ يعتمد عليه المواطن والتاجر والمستورد على حد سواء لتقدير تكلفة السلع والخدمات، خصوصًا في ظل الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية والوقود. كما تتأثر حركة الصرف بعوامل سياسية واقتصادية عدة، من أبرزها شح المعروض من النقد الأجنبي، وضعف التحويلات المالية من الخارج، إضافة إلى تغير أسعار النفط العالمية التي تُعد أحد أهم مصادر العملة الصعبة للبلاد.
وفي السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة تعدد أسعار الصرف بين المناطق اليمنية، وهو ما أوجد سوقًا موازية نشطة تتحكم فعليًا في تسعير العملات الأجنبية. ورغم جهود البنك المركزي اليمني في كل من صنعاء وعدن لفرض رقابة مالية وتقليص حجم المضاربة، إلا أن التحديات البنيوية لا تزال حاضرة بقوة.
أسعار صرف الريال اليمني (الأربعاء – 29 أكتوبر 2025)
| المنطقة | العملة | سعر الشراء | سعر البيع | الاتجاه |
| صنعاء | 🇺🇸 الدولار الأمريكي ($) | 534 | 536 | ↔️ استقرار |
| عدن | 🇺🇸 الدولار الأمريكي ($) | 1617 | 1629 | 🔻 تراجع |
| صنعاء | 🇸🇦 الريال السعودي (SAR) | 139.8 | 140.2 | ↔️ استقرار |
| عدن | 🇸🇦 الريال السعودي (SAR) | 425 | 427 | 🔻 انخفاض |
المصدر الرسمي: البنك المركزي اليمني
التحليل الاقتصادي التفصيلي
1. سعر الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي
تُظهر الأرقام استقرارًا واضحًا في صنعاء عند حدود 534 ريالًا للشراء و536 ريالًا للبيع، وهو نفس المستوى تقريبًا المسجل خلال الأيام السابقة، ما يشير إلى قدرة البنك المركزي في صنعاء على المحافظة على سعر صرف شبه ثابت من خلال التحكم بالسيولة النقدية داخل السوق.
أما في عدن، فقد شهد الريال تراجعًا طفيفًا ليصل إلى 1629 ريالًا للدولار بيعًا بعد أن كان مستقرًا عند 1622 ريالًا في بداية الأسبوع، ويُعزى ذلك إلى ارتفاع الطلب على العملة الأجنبية لغرض الاستيراد، إضافة إلى ضعف تغطية السوق من النقد الصعب.
ويُلاحظ أن الفارق بين سعري الصرف في صنعاء وعدن يتجاوز ثلاثة أضعاف، وهو ما يؤكد الانقسام النقدي الحاصل في البلاد، ويعقّد عملية الاستقرار الاقتصادي الشامل.
2. الريال اليمني مقابل الريال السعودي
يُعتبر الريال السعودي ثاني أهم عملة يتم تداولها في السوق اليمني بعد الدولار، نظرًا لاعتماد اليمنيين المقيمين في المملكة على تحويلاتهم الشهرية إلى الداخل.
وقد استقر السعر في صنعاء عند 139.8 للشراء و140.2 للبيع، وهو استقرار يُشير إلى ثبات نسبي في تدفق التحويلات من الخارج.
بينما تراجع في عدن إلى 425 للشراء و427 للبيع، بانخفاض طفيف يعكس تذبذبًا مرتبطًا بانخفاض الدولار المحلي، إذ يتأثر الريال السعودي مباشرة بسعر العملة الأمريكية نظرًا لارتباطه الثابت بها.
3. أسباب التباين بين صنعاء وعدن
- الانقسام المالي والإداري: كل منطقة تتبع سياسات نقدية مستقلة، ما يؤدي إلى فروقات حادة في الأسعار.
- اختلاف مصادر التمويل: تعتمد صنعاء أكثر على تحويلات المغتربين وضبط السيولة، في حين تعتمد عدن على الودائع الخارجية والقروض.
- المضاربة في السوق السوداء: النشاط المتزايد للمضاربين في المناطق المحررة يؤدي إلى تراجع الريال بشكل أسرع.
- العوامل السياسية: أي توتر سياسي أو عسكري ينعكس مباشرة على السوق النقدي، مما يزيد الطلب على الدولار كملاذ آمن.
4. الأثر الاقتصادي والاجتماعي
إن استمرار تفاوت سعر الصرف بين المنطقتين ينعكس سلبًا على المواطن اليمني، حيث يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير متوازن بين المحافظات. فبينما تُباع بعض السلع المستوردة بسعر محدد في صنعاء، ترتفع قيمتها في عدن بسبب فرق الصرف وتكلفة النقل.
كما يخلق هذا الانقسام تحديات أمام التجار والمستوردين الذين يجدون صعوبة في توحيد الأسعار أو تثبيت العقود التجارية، مما يؤثر على دورة النشاط الاقتصادي برمتها.
ويؤدي تراجع الريال اليمني المستمر إلى تآكل القدرة الشرائية، خصوصًا لدى الفئات ذات الدخل المحدود التي تعتمد على المرتبات الشهرية بالعملة المحلية. كما يضطر العديد من المواطنين إلى التعامل بالدولار أو الريال السعودي في المعاملات الكبيرة حفاظًا على القيمة.
نظرة على سياسات البنك المركزي
يواصل البنك المركزي اليمني في عدن مساعيه لضبط استقرار العملة من خلال مزادات بيع الدولار للتجار والمصارف، وهي سياسة تهدف إلى توفير العملة الصعبة بشكل منظم لتغطية واردات السلع الأساسية. ومع ذلك، فإن محدودية الاحتياطي النقدي وغياب الإيرادات النفطية الكافية يحدّان من فعالية هذه السياسة.
أما البنك المركزي في صنعاء، فيعتمد على إدارة مشددة للسيولة المحلية ومنع التداول بالإصدار الجديد من العملة، في مسعى للحفاظ على ثبات السعر الداخلي للريال، وهو ما ساعد مؤقتًا في استقرار السوق لكنه فاقم الانقسام النقدي على المستوى الوطني.
ختاماً
يمكن القول إن الريال اليمني يعيش حالة توازن هشّ بين استقرارٍ مصطنع في صنعاء وتراجعٍ حذر في عدن. ويظل الحل الحقيقي رهينًا بتحقيق توحيد السياسة النقدية تحت سلطة مالية مركزية موحدة، إضافة إلى استئناف تصدير النفط والغاز كمصدر رئيس للعملة الأجنبية.
حتى يتحقق ذلك، سيبقى السوق اليمني رهينًا لتقلباتٍ يومية وتحركاتٍ مفاجئة، بينما يستمر المواطن في مواجهة ضغوط معيشية متزايدة.