إدارة المخاطر

قاعدة الـ7% في سوق الأسهم السر الذهبي لبناء الثروة وتجنب المخاطر

كيف يمكن للمستثمر في سوق الأسهم حماية رأس ماله من الخسائر القاسية؟ هنا تبرز قاعدة الـ7% كإحدى الركائز الجوهرية التي يعتمد عليها كبار المستثمرين للحفاظ على أموالهم. هذه القاعدة ليست مجرد رقم أو نسبة عشوائية، بل هي خلاصة دراسات وتجارب عملية امتدت لعقود. في هذا المقال، نأخذك في جولة معمقة لفهم هذه القاعدة، أسرارها، وأفضل طرق تطبيقها لتبقى دائمًا في مأمن من تقلبات الأسواق.

قصة “ميتا” ومأساة من لم يطبق القاعدة

في أغسطس 2021، ارتفع سهم شركة ميتا (فيسبوك سابقًا) ليصل إلى ذروة بلغت نحو 377 دولارًا. كان المستثمرون يحبسون أنفاسهم متوقعين المزيد من الأرباح، مستبشرين بقوة السهم ومتانة أساسيات الشركة. ولكن ما هي إلا أسابيع قليلة حتى بدأ السهم بالتراجع ليكسر حاجز 350 دولارًا، مسجلًا انخفاضًا يقارب 7%.

سهم ميتا فيسبوك

بالنسبة للبعض، بدا الانخفاض بسيطًا، وربما عابرًا. لكن مستثمرين مخضرمين عرفوا أن التراجع بنسبة 7% هو جرس إنذار يجب ألا يُتجاهل. فقرروا بيع السهم والاحتفاظ برأس المال. ومع مرور الوقت، تبين صواب قرارهم؛ إذ واصل السهم هبوطه ليصل إلى أدنى مستوياته عند نحو 88 دولارًا في نوفمبر 2022، ما يعني أن من تجاهل قاعدة الـ7% خسر أكثر من 77% من قيمة استثماره مقارنة بنقطة الدخول. بينما من التزموا بها، وجدوا الفرصة لاحقًا لإعادة الشراء عند القاع وتحقيق أرباح مضاعفة مع عودة السهم للارتفاع.

ما جوهر قاعدة الـ7%؟

قاعدة الـ7% تعني ببساطة: إذا انخفض سعر السهم بنسبة تتراوح بين 7% و8% عن سعر الشراء، فعليك بيعه فورًا ودون تردد. إنها آلية دفاعية تهدف إلى منع الخسائر الصغيرة من التحول إلى خسائر مدمرة. صاغها المستثمر الأمريكي الشهير ويليام أونيل بعد عقود من دراسة الأسواق، ليجعلها أحد الأعمدة الأساسية لاستراتيجيات إدارة المخاطر.

قاعدة الـ7% لتجنب الخسارة في سوق الأسهم والحماية من مخاطر التداول

ويليام أونيل، مؤسس صحيفة إنفستورز بزنس ديلي ومؤلف كتاب “كيفية ربح المال من الأسهم”، كان يؤمن أن النجاح في الأسواق لا يتعلق فقط بتحقيق الأرباح الكبيرة، بل الأهم هو الحد من الخسائر عندما تسير الأمور عكس التوقعات.

لماذا 7%؟ الرقم السحري الذي ليس مصادفة

قد يتساءل البعض: لماذا 7% بالذات؟ لماذا لا تكون 5% أو حتى 10%؟ الحقيقة أن الرقم جاء بعد تحليل دقيق لبيانات السوق الأمريكي على مدار أكثر من 130 عامًا. وجد أونيل أن الأسهم القوية عادة لا تتراجع بأكثر من 7%-8% من نقطة الشراء إلا إذا كان هناك خلل حقيقي؛ إما في أساسيات السهم أو بسبب شراء السهم عند نقطة دخول خاطئة أو في ظل سوق ضعيف.

بعبارة أخرى، إذا انخفض السهم بهذا المقدار، فالأرجح أن هناك شيئًا غير سليم، والاستمرار في الاحتفاظ به قد يجر المستثمر إلى خسائر أكبر بكثير.

كيف تعمل القاعدة عمليًا؟

لنفترض أن مستثمرًا اشترى سهمًا عند 100 دولار. يجب عليه عندها تحديد مستوى وقف الخسارة عند 93 دولارًا (7%) أو 92 دولارًا (8%). إذا بلغ السهم هذا المستوى، فإن القاعدة تقضي بالبيع الفوري، دون انتظار أو تأجيل.

الأمر لا يتعلق بالتخمين أو الأمل في التعافي. القاعدة تفرض الانضباط وتساعد المستثمر على اتخاذ القرار في اللحظة المناسبة، بعيدًا عن العاطفة أو التردد.

لماذا الخسائر الصغيرة أفضل من الكبيرة؟

تذكر أن كلما زادت نسبة الخسارة، زادت صعوبة استعادة رأس المال:

  • خسارة بنسبة 7% تتطلب مكسبًا بنسبة 7.5% للعودة إلى نقطة التعادل.
  • خسارة بنسبة 20% تتطلب مكسبًا بنسبة 25% للتعافي.
  • خسارة بنسبة 30% تحتاج إلى صعود 42.9% لتعويض ما فقدته.

هذه الأرقام وحدها تبرز أهمية وقف الخسائر مبكرًا، قبل أن تتحول الخسائر الصغيرة إلى نزيف يصعب وقفه.

متى تكون القاعدة أكثر فعالية؟

قاعدة الـ7% صُممت لتطبق بشكل خاص في الأسواق الصاعدة. في الأسواق الهابطة، حيث تكون التقلبات أشد والمخاطر أعلى، ينصح بعض الخبراء بتقليص حد الخسارة إلى 3%-4% لحماية رأس المال من الانهيار السريع.

النقد الموجه للقاعدة هل هناك جانب سلبي؟

رغم فعاليتها، تعرضت القاعدة لبعض الانتقادات:

  • قد تؤدي إلى عمليات بيع متكررة خلال فترات التقلبات قصيرة الأجل، مما يسبب خسائر صغيرة لكنها متكررة.
  • قد تحرم المستثمر من فرص التعافي، خاصة إذا ارتد السهم سريعًا بعد البيع.
  • أقل ملاءمة للأسهم ذات معامل بيتا المرتفع (أي شديدة التقلب)، أو للمستثمرين على المدى الطويل الذين لا يتأثرون بتقلبات قصيرة الأجل.

ومع ذلك، يرى المدافعون عنها أن هذه “تكلفة تأمين” مقبولة لحماية رأس المال.

جني الأرباح قاعدة أخرى لا تقل أهمية

إلى جانب الحد من الخسائر، يؤكد أونيل على ضرورة جني الأرباح عند بلوغ السهم نسبة ارتفاع بين 20%-25%. لا تنتظر حتى يبدأ السهم في الهبوط مجددًا. السر يكمن في مغادرة المصعد أثناء الصعود، وليس بعد بدء الهبوط.

وفي حالة صعود السهم 20%-25% خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من نقطة الشراء، يُفضل الاحتفاظ به 8 أسابيع وفق قاعدة “الاحتفاظ لثمانية أسابيع”، لأنها إشارة على أن السهم قوي للغاية وقد يحقق مكاسب إضافية.

تجربة صندوق LTCM الدرس الأقسى

من أشهر الدروس في عالم المال كان ما حدث لصندوق التحوط العملاق LTCM في أواخر التسعينات. الصندوق اعتمد على نماذج رياضية معقدة وتجاهل وضع حدود لوقف الخسارة. النتيجة؟ خسائر مدمرة أطاحت بالصندوق وجعلته عبرة لمن يعتبر.

هذا يبرهن أن الانضباط، وليس الذكاء أو التكنولوجيا وحدهما، هو مفتاح البقاء في الأسواق.

هل قاعدة الـ7% مناسبة لك؟

تطبيق قاعدة الـ7% يتطلب انضباطًا شديدًا والتزامًا بالخطة دون انجرار وراء العواطف. إذا كنت ممن يميلون إلى التأجيل أو الأمل في تعافي الأسهم الخاسرة، فربما عليك إعادة التفكير في استراتيجيتك.

تذكر، القاعدة ليست وصفة للثراء السريع، لكنها درع واقٍ يحميك من الخسائر الكبيرة ويضمن بقاء رأس مالك سليمًا لتستثمر من جديد عندما تتاح الفرصة.

ختامًا

في النهاية، الاستثمار في الأسهم هو لعبة ذكاء وانضباط. قاعدة الـ7% ليست سوى أداة من أدواتك لتكون مستثمرًا ناجحًا. استخدمها بحكمة، وادمجها مع دراسة متأنية للأسهم والسوق، لتتمكن من بناء ثروة مستدامة.

الأسئلة الشائعة حول قاعدة الـ7% في سوق الأسهم

ما المقصود بقاعدة الـ7%؟

قاعدة الـ7% تعني أنه إذا انخفض سعر السهم بنسبة تتراوح بين 7% و8% عن سعر الشراء، يجب على المستثمر بيعه فورًا لتقليل الخسائر ومنع تفاقمها. إنها أداة لإدارة المخاطر، تهدف إلى حماية رأس المال.

هل قاعدة الـ7% مناسبة لجميع أنواع الأسهم؟

تُعد القاعدة مناسبة للأسهم المستقرة وأسهم النمو في الأسواق الصاعدة، لكنها قد تكون أقل مرونة مع الأسهم شديدة التقلب (ذات معامل بيتا المرتفع) أو الأسهم الصغيرة التي تشهد تقلبات يومية كبيرة.

هل يمكن تطبيق القاعدة في جميع ظروف السوق؟

تعمل القاعدة بشكل أفضل في الأسواق الصاعدة. في الأسواق الهابطة، قد يكون من الأفضل تقليص حد وقف الخسارة إلى 3%–4% لتجنب الانهيارات الحادة.

ماذا أفعل إذا ارتد السهم وارتفع مجددًا بعد بيعه وفق القاعدة؟

في هذه الحالة، يعتبر ذلك جزءًا من “تكلفة التأمين”. يمكنك دائمًا إعادة شراء السهم إذا أظهر قوة فنية جديدة وكون نمطًا صعوديًا جديدًا.

هل قاعدة الـ7% تمنع الخسائر تمامًا؟

لا توجد قاعدة تمنع الخسائر تمامًا. قاعدة الـ7% تهدف إلى الحد من الخسائر الكبيرة والحفاظ على رأس المال، لكنها لا تضمن النجاح في كل صفقة. الانضباط في تطبيقها هو مفتاح نجاحها.

كيف أحدد نقطة وقف الخسارة بدقة؟

يتم احتساب نقطة وقف الخسارة بضرب سعر الشراء في (1 – 0.07). مثلًا إذا اشتريت سهمًا بـ 100 دولار، يصبح مستوى وقف الخسارة 93 دولارًا.

هل يمكن استخدام القاعدة في استثمارات المدى الطويل؟

قاعدة الـ7% مصممة بشكل أساسي للمتداولين والمستثمرين متوسطي الأجل. أما المستثمرون طويلو الأمد فقد يجدونها صارمة جدًا، لأنهم يقبلون عادة تقلبات أكبر في قيمة الأسهم.

HELAL Azazi

مهتم بالتطوير المالي الرقمي وكاتب محتوى متخصص في العملات الرقمية وتقنيات البلوكتشين. أعمل ككاتب وإداري في موقعي "مشاريع العملات" و"اقتصاد اليوم"، حيث أركز على تحليل المشاريع الرقمية الناشئة التي تسعى لإحداث تحوّل جذري في عالم الاقتصاد والتكنولوجيا. أملك شغفًا عميقًا بالبحث والاستكشاف في عالم البلوكتشين، وأتابع عن كثب أحدث التطورات في مجال الأصول الرقمية. أؤمن بأن هذه التكنولوجيا ليست مجرد اتجاه، بل مستقبل يُعاد تشكيله الآن. المزيد »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم حاجب الأعلانات!!!!

الرجاء ايقاف حاجب الاعلانات للاستمرار في مشاهدة المحتوى