رواد الأعمال في الإمارات |قيادة الاقتصاد في 2025 بعقول إماراتية

في سعيها الحثيث لبناء اقتصاد مستدام ومتنوع، لم تغفل دولة الإمارات عن أحد أهم محركات التنمية الحديثة: رواد الأعمال في الإمارات. فوسط التحديات العالمية والتحولات الرقمية، تواصل الدولة دعم وتمكين أصحاب الأفكار والمشاريع الصغيرة والمتوسطة بوصفهم اللبنة الأساسية في بناء مستقبل اقتصادي أكثر مرونة وابتكارًا.
ويُجسّد تأسيس مجلس الإمارات لريادة الأعمال وتحركاته الفاعلة خلال 2025 توجهًا استراتيجيًا واضحًا، لا يقتصر على مجرد الدعم المالي أو الإداري، بل يتوسع ليشمل بيئة شاملة تتكامل فيها التشريعات والمبادرات والبنى التحتية الفكرية والمؤسسية.
مجلس الإمارات لريادة الأعمال خطوة نوعية نحو المستقبل
عُقد الاجتماع الأول لمجلس الإمارات لريادة الأعمال برئاسة معالي علياء بنت عبدالله المزروعي، وزيرة دولة لريادة الأعمال، بحضور ممثلين عن الجهات الاتحادية والمحلية وصناديق دعم المشاريع، في خطوة تهدف إلى توحيد الجهود الوطنية وتوجيهها بشكل أكثر استراتيجية.
ويعد المجلس أحد مخرجات قرار مجلس الوزراء رقم (11/36) لسنة 2024، وهو يعمل تحت مظلة وزارة الاقتصاد، ويهدف إلى:
- اقتراح السياسات والتشريعات الداعمة لنمو المشاريع.
- إطلاق مبادرات تمويلية وتدريبية موجهة لرواد الأعمال.
- توحيد التعريفات والمعايير الخاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
- تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات المحلية على مستوى الدولة.
المشاريع الصغيرة والمتوسطة العمود الفقري للاقتصاد
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تشكل أكثر من 90% من إجمالي الشركات المسجلة في الإمارات، ما يبرز حجم هذا القطاع وأهميته في دعم النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتعزيز الابتكار.

ومع تزايد التوجه العالمي نحو الاقتصادات المرنة، تأتي دولة الإمارات لتمنح هذا القطاع دعمًا نوعيًا عبر:
- تسهيلات تمويلية.
- مبادرات لتسويق المنتجات محليًا وعالميًا.
- حوافز تنافسية للمشاريع المبتكرة.
- منصات تعليم وتدريب لتأهيل رواد الأعمال الشباب.
استراتيجية وطنية للرؤية والتكامل
يرتكز عمل المجلس على تفعيل الرؤية الوطنية “نحن الإمارات 2031″، من خلال:
- تمكين أصحاب المشاريع الوطنية وتوسيع نطاق أعمالهم.
- إطلاق برامج توعوية لتحفيز الشباب على دخول سوق الأعمال.
- تنمية المهارات الريادية لدى المواطنين من خلال التدريب والإرشاد.
- تقديم حوافز موجهة لدعم التوسع في الأسواق الإقليمية والعالمية.
ولتحقيق ذلك، تم بحث إمكانية اعتماد تعريف موحد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومراجعة تصنيفاتها لضمان وحدة السياسات على المستوى الحكومي ومواكبة التغيرات الإقليمية والدولية.
التشريعات كمحرك للتمكين
من أبرز محاور النقاش في المجلس كان اقتراح تشريعات جديدة أو تحديث القوانين القائمة، لتسهيل بيئة الأعمال وتحفيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، ومن أبرز النقاط:
- مراجعة الحوافز والبرامج التمويلية حسب احتياجات السوق.
- تسهيل تسجيل المشاريع وتشجيع الملكية الفردية.
- تسويق المشاريع الناشئة في منصات دولية.
- إرساء الشفافية وتسهيل الوصول إلى البيانات والتمويل.
هذا النهج التشريعي يُعد أساسًا في بناء بيئة أعمال متكاملة، تواكب تحولات الاقتصاد الرقمي وتحفّز الابتكار.
دور الجهات الداعمة في نموذج تكامل إماراتي
تمثل العضوية الواسعة في مجلس ريادة الأعمال، والتي شملت ممثلين عن وزارات المالية، التعليم، الصناعة، الموارد البشرية، والمصارف، بالإضافة إلى صناديق ريادة الأعمال مثل صندوق خليفة ومؤسسة محمد بن راشد، نموذجًا فريدًا للتكامل الوطني في دعم الابتكار المحلي.
هذا التنسيق يهدف إلى:
- تجنب الازدواجية في المبادرات.
- توحيد الجهود نحو أهداف مشتركة.
- تعزيز فعالية الإنفاق الحكومي المخصص لرواد الأعمال.
- ضمان وصول الحوافز للمستفيدين الفعليين بفعالية وعدالة.
نقطة التحول وريادة وطنية يقودها المواطنون
أكدت معالي علياء المزروعي في تصريحاتها أن المجلس يهدف إلى تمكين رواد الأعمال المواطنين، من خلال توفير منظومة دعم متكاملة تشمل:
- بيئة تشريعية مرنة.
- برامج تمويل وتدريب.
- منصات تسويقية رقمية.
- فرص للتوسع الدولي.
وقالت أيضًا إن الهدف هو بناء مظلة موحدة لجميع الجهات المعنية بريادة الأعمال، بما يعزز الكفاءة ويرفع من مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي.
رواد الأعمال في الإمارات رؤية محلية بروح عالمية
ما يميز النموذج الإماراتي في ريادة الأعمال هو أنه يوازن بين الهوية الوطنية والانفتاح العالمي، فالاستراتيجية لا تقتصر على دعم المشاريع داخليًا، بل تسعى لربطها بالأسواق الخارجية، خاصة في قطاعات مثل:
- التكنولوجيا المالية.
- الذكاء الاصطناعي.
- الزراعة الذكية.
- الطاقة المستدامة.
وفي هذا الإطار، تعمل الدولة على تسخير البيانات وتوفير الحوافز الذكية لتعزيز قدرة المشاريع الصغيرة على المنافسة عالميًا، وهو ما انعكس في مشاركة العديد من هذه المشاريع في فعاليات مثل “إنفستوبيا 2025″ و”100 شركة من المستقبل”.
ريادة الأعمال في الإمارات
تكتسب ريادة الأعمال في الإمارات” عمقًا استراتيجيًا متزايدًا، حيث تمثل اليوم رأس الحربة في سياسة التحول الاقتصادي للدولة، ونقطة التقاء بين الابتكار، والتمكين الوطني، والاستثمار في الشباب.
من خلال هذا المفهوم، تتحول الإمارات من اقتصاد تقليدي إلى اقتصاد مرن وشامل يقوده الأفراد والمجتمع، دون التخلي عن الاستقرار والبنية المؤسسية القوية.
ختامًا
ريادة الأعمال في الإمارات لم تعد مجرد طموح، بل سياسة وطنية مؤسسية تُترجم إلى قرارات، قوانين، ومبادرات شاملة. وبينما تسير الدولة بخطى واثقة نحو المستقبل، فإن تمكين الشباب، وتكامل الجهود، وتطوير البيئة التشريعية، كلها تؤسس لنهضة اقتصادية يقودها المواطنون ويستفيد منها الجميع.
إن كنت تبحث عن نموذج عربي ناجح في التمكين الاقتصادي عبر ريادة الأعمال، فالإمارات تقدم تجربة ثرية تستحق المتابعة… وربما الاقتداء.