بورصات الشرق الأوسط تصعد |أرباح قوية وتراجع التوترات التجارية ينعشان الأسواق

برزت بورصات الشرق الأوسط كواحة استقرار نسبي، تسير بخطى حذرة نحو الانتعاش. يوم الثلاثاء 29 أبريل 2025، شهدت أسواق المنطقة أداءً متباينًا، لكن الاتجاه العام حمل في طياته إشارات إيجابية عززتها نتائج مالية قوية وتطورات دولية مشجعة على الصعيد التجاري.
عودة الزخم للأسواق الخليجية وأرباح البنوك تشعل الارتفاعات
من دبي إلى أبوظبي، قادت نتائج البنوك الخليجية حركة صعودية في المؤشرات الرئيسية. فقد ارتفع مؤشر بورصة دبي بنسبة 0.5%، مدفوعًا بارتفاع سهم بنك الإمارات دبي الوطني بنسبة 0.7%، وهو أكبر بنوك الإمارة. ويُعزى هذا الأداء إلى تفاؤل المستثمرين بشأن استقرار القطاع المالي رغم الضغوط العالمية.

أما في أبوظبي، فكان التألق أكثر وضوحًا، حيث قفز سهم بنك أبوظبي الأول بنسبة 3.1% بعد إعلان أرباح فاقت التوقعات. فقد سجل البنك أرباحًا صافية بلغت 5.13 مليار درهم (ما يعادل 1.4 مليار دولار)، متجاوزًا تقديرات المحللين التي توقفت عند 4.24 مليار درهم.
الأسواق السعودية تراجع محدود وسط تقلبات في نتائج الشركات
على النقيض، شهد مؤشر السوق السعودي “تاسي” تراجعًا بنسبة 0.3%، متأثرًا بهبوط بعض الأسهم القيادية. أبرزها كان سهم بنك الإنماء الذي فقد 2.2% من قيمته بعد إعلان انخفاض أرباحه الفصلية، إلى جانب سهم كيان السعودية الذي تراجع بنسبة 2.8% نتيجة اتساع خسائره.
إلا أن هناك ومضات إيجابية وسط هذه التراجعات، حيث ارتفعت أسهم شركة الخدمات المقاولات العربية بنسبة قاربت 10%، لتتصدر قائمة الرابحين بعد نمو حاد في مبيعاتها السنوية، ما يعكس تحسنًا في قطاع الإنشاءات وديناميكية في طلب السوق المحلي.
استقرار في الخليج ونشاط استثماري واعد في مصر
في قطر، واصل المؤشر العام مكاسبه ليرتفع بنسبة 0.2%، بينما حققت بورصتا البحرين وعُمان ارتفاعات معتدلة بنسبة 0.6% و0.1% على التوالي، في ظل أجواء من الحذر والتداولات الهادئة.
أما مصر، فقد سجل مؤشر EGX30 ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1%، لكن اللافت كان الأداء الإيجابي لسهم مجموعة طلعت مصطفى القابضة الذي صعد بنسبة 2.8%، بدعم من إعلان الشركة عن مفاوضات متقدمة لتنفيذ مشروع عقاري عملاق متعدد الاستخدامات في العراق، يُتوقع أن يدر دخلاً سنويًا يتجاوز 1.5 مليار دولار.
تراجع مخاوف الرسوم الجمركية يعزز شهية المخاطرة
على الصعيد الدولي، ساهمت أنباء عن تراجع حدة التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين في تحسين المعنويات بالأسواق. فقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن إجراءات جديدة لتخفيف الأثر السلبي للرسوم الجمركية على أجزاء السيارات الأجنبية المُستخدمة في السيارات المصنعة داخل أمريكا.
في المقابل، أبدت الصين نوعًا من الانفتاح، برفعها لبعض الرسوم وطلبها من الشركات تحديد السلع التي تحتاج لإعفاءات. هذه الخطوات من الطرفين تعكس تحولًا نحو التهدئة، مما قلل من المخاوف العالمية التي طالما ألقت بظلالها على اقتصادات المنطقة.
التوقعات المستقبلية هل نشهد موجة صعود ممتدة؟
مع تحسن نتائج الشركات، وعودة الاستقرار النسبي للعلاقات التجارية العالمية، فإن كثيرًا من المحللين يتوقعون أن تدخل بورصات الخليج مرحلة جديدة من النشاط، خاصة إذا استمرت البنوك وشركات الطاقة في تقديم أداء مالي قوي.
ورغم بعض التراجعات في السوق السعودي، فإن تنوع القطاعات فيه، ودعم الدولة لمبادرات التحول الاقتصادي، يعززان من فرص الارتداد السريع. أما الأسواق الناشئة مثل مصر والعراق، فهي مرشحة لجذب استثمارات ضخمة في حال استمرار النشاط العقاري والصناعي فيها.
أرقام تُلخص أداء المؤشرات الخليجية والمصرية
السوق | التغير | القيمة الحالية |
---|---|---|
السعودية (تاسي) | -0.3% | 11,746 |
أبو ظبي | +0.6% | 9,528 |
دبي | +0.5% | 5,241 |
قطر | +0.2% | 10,325 |
مصر (EGX30) | +0.1% | 32,043 |
البحرين | +0.6% | 1,903 |
عُمان | +0.1% | 4,298 |
الكويت | +0.3% | 8,488 |
تحركات النفط تلقي بظلالها على معنويات المستثمرين
لا يمكن فصل أداء أسواق الخليج عن تحركات أسعار النفط، المصدر الأساسي للإيرادات في دول المنطقة. تراجع أسعار النفط خلال جلسات هذا الأسبوع بفعل زيادة المخزونات الأميركية ومخاوف تباطؤ الطلب العالمي.
تسبب في توتر المستثمرين في السوق السعودية تحديدًا، حيث تعتمد العديد من الشركات الكبرى على استقرار أسعار الطاقة لتعزيز هوامش أرباحها. هذا الانخفاض في أسعار النفط ساهم في موجة بيع انتقائية، خاصة في قطاعي البتروكيماويات والطاقة، ما عزز من خسائر مؤشر “تاسي”.
ورغم أن بعض الأسواق الخليجية الأخرى مثل دبي وقطر استطاعت امتصاص هذه الضغوط، فإن استمرار تقلبات أسعار النفط العالمية قد يشكل تحديًا في المدى القصير، ما يتطلب من المستثمرين مراقبة المشهد العالمي عن كثب، خصوصًا مع اقتراب قرارات أوبك+ المقبلة والتي قد تعيد تشكيل توازن العرض والطلب.
بوادر ثقة متجددة في أسواق الخليج مع عودة المستثمر الأجنبي
من المؤشرات اللافتة التي رصدها المحللون في الأسابيع الأخيرة، تسجيل عودة تدريجية للمستثمرين الأجانب إلى أسواق الخليج، خاصة إلى سوقي أبوظبي ودبي، حيث أظهرت البيانات ارتفاعًا في صافي الشراء الأجنبي. ويُعزى ذلك إلى عاملين رئيسيين: أولاً، الاستقرار السياسي والاقتصادي النسبي في دول الخليج، وثانيًا، تحسن النتائج الفصلية لمعظم الشركات المدرجة.
هذا التوجه يعكس ثقة متنامية في جودة الأصول الخليجية، ويدفع بعض شركات الوساطة العالمية إلى ترقية تصنيفاتها لأسواق المنطقة. وإذا استمر هذا الزخم، فقد نشهد تدفقات رأسمالية أكبر في النصف الثاني من 2025، لا سيما مع اقتراب طرح شركات استراتيجية جديدة للاكتتاب العام في السعودية والإمارات.
الخلاصة
أضواء على المستقبل واستعداد لما هو قادم، إن أداء بورصات الشرق الأوسط في هذا الأسبوع ليس سوى انعكاس لمرحلة انتقالية تمر بها المنطقة، حيث تتلاقى الإصلاحات الاقتصادية، والنتائج المالية القوية، وتغيرات الأسواق العالمية لتصنع واقعًا استثماريًا جديدًا. وبينما لا يزال الحذر سيد الموقف، إلا أن إشارات التفاؤل بدأت تلوح في الأفق.
ينصح المستثمرون بالبقاء على تواصل دائم مع الأخبار والتحليلات، واستخدام أدوات التكنولوجيا المالية الحديثة لتحقيق أفضل قرارات ممكنة، في بيئة لا تعترف بالجمود، ولا ترحم المترددين.
إخلاء مسؤولية
المحتوى الوارد في هذا المقال لأغراض إعلامية فقط ولا يُعد توصية مباشرة بالشراء أو البيع أو اتخاذ قرارات استثمارية. الأسواق المالية بطبيعتها متقلبة، والأداء السابق لا يضمن النتائج المستقبلية. يُرجى استشارة مستشار مالي معتمد قبل اتخاذ أي إجراء استثماري.