كيف كان اقتصاد الإمارات في 2024 | وافظل القطاعات نموًا في المستقبل

برز اقتصاد الإمارات العربية المتحدة كنموذج اقتصادي متقدم يوازن بين النمو المستدام والتنوع القطاعي. وفي عام 2024، تجسدت هذه الرؤية في أرقام دقيقة ونتائج ملموسة، أكدت مرة أخرى متانة اقتصاد الإمارات وقدرته على التكيف والمنافسة.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على أبرز مؤشرات الأداء الاقتصادي للإمارات خلال سنة 2024 الماضية، مع تحليل متعمق لقطاعات النمو، ودور التنوع الاقتصادي، وتوجهات الدولة المستقبلية ضمن رؤية “نحن الإمارات 2031”.
نمو الناتج المحلي الإجمالي في اقتصاد الإمارات
سجّل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارات نموًا بنسبة 3.8% ليصل إلى 1,322 مليار درهم خلال أول تسعة أشهر من 2024، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023. وتبرز هذه النسبة في سياق عالمي اتسم بالتباطؤ، لتؤكد قدرة الدولة على الحفاظ على زخم اقتصادي قوي رغم التحديات الجيوسياسية والاقتصادية المحيطة.
الأكثر لفتًا للنظر هو أداء الأنشطة غير النفطية التي حققت نموًا بنسبة 4.5%، بقيمة 987 مليار درهم، ما يعكس نجاح استراتيجية التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الموارد النفطية.
وتوضح البيانات أن مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغت 74.6%، مقابل 25.4% للأنشطة النفطية، في إشارة واضحة إلى نضج البنية الاقتصادية للدولة.
القطاعات الأعلى نموًا من النقل إلى البناء
نجاح الاقتصاد لا يُقاس فقط بمعدل النمو الإجمالي، بل بتوزيعه على القطاعات المختلفة. وفي هذا الإطار، كان قطاع النقل والتخزين من أبرز القطاعات أداءً، حيث سجّل نموًا بنسبة 7.9%، مدفوعًا بارتفاع حركة الطيران والمطارات في الدولة التي استقبلت أكثر من 103 ملايين مسافر بنسبة نمو قاربت 20%.

أما قطاع التشييد والبناء، فقد سجل نموًا بنسبة 7.4%، نتيجة للاستثمارات المتزايدة في مشاريع البنية التحتية الحضرية، مما يعكس التزام الدولة بتطوير المرافق العامة والمدن الذكية.
ولم يكن قطاع الخدمات المالية والتأمين بعيدًا عن مشهد النمو، إذ حقق نموًا نسبته 6.8%، تلاه قطاع الحكومة العامة بنسبة 5.0%، وقطاع الفنادق والمطاعم بنسبة 4.9%، ما يعكس الحيوية التي يشهدها السوق المحلي واستقرار البيئة الاستثمارية.
الأنشطة الأكثر مساهمة في الاقتصاد غير النفطي
بالنظر إلى مساهمة القطاعات في الناتج المحلي غير النفطي، نجد أن قطاع التجارة لا يزال في الصدارة بنسبة 16.5%، يليه قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 15.1%، وهو ما يدل على التطور الملحوظ في قدرات الدولة الصناعية وتوجهها نحو تصنيع القيمة المضافة.
ثم يأتي قطاع الخدمات المالية والتأمين بنسبة 12.1%، بينما ساهم قطاع العقارات بنسبة 11.7%، والتشييد والبناء بنسبة 7.6%، وهي نسب تعكس تنوع النشاط الاقتصادي وتوزيعه المتوازن.
الناتج المحلي الإجمالي الاسمي قراءة في القيمة السوقية
بلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي (أي بأسعار السوق الجارية) خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024 نحو 1,486.3 مليار درهم، بنسبة نمو 6% مقارنة بنفس الفترة من 2023. ويعكس هذا النمو قدرة الإمارات على الحفاظ على قيمة اقتصادية مضافة عالية وسط تقلبات الأسعار العالمية.
أما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالأسعار الجارية، فقد بلغ 1,136.6 مليار درهم، محققًا نموًا بنسبة 6.6%، ما يعني أن القطاعات غير النفطية لم تنمُ فقط بالحجم الفعلي، بل أيضًا من حيث القيمة السوقية، ما يدل على جاذبيتها الاستثمارية وارتفاع إنتاجيتها.
الرؤية المستقبلية “نحن الإمارات 2031”
لا يمكن الحديث عن أداء اقتصادي متميز دون الإشارة إلى الرؤية بعيدة المدى التي ترسم ملامح المستقبل. وتعد “نحن الإمارات 2031” الركيزة الأساسية التي يستند إليها النمو الحالي، حيث تركّز على:
- بناء اقتصاد معرفي تنافسي قائم على الابتكار.
- دعم رواد الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
- تعزيز الاستثمارات في التكنولوجيا والبنية التحتية.
- رفع كفاءة التعليم وتطوير الكفاءات الوطنية.
ويبدو جليًا أن الخطط التنموية الراهنة تتكامل بشكل استراتيجي مع هذه الرؤية، إذ يتم تمكين كل قطاع على حدة ليكون جزءًا من منظومة متكاملة تدعم الازدهار الشامل.
ما وراء الأرقام مرونة الاقتصاد واستقراره
المرونة الاقتصادية ليست مجرد مصطلح إعلامي، بل واقع يفرض نفسه عندما تنجح الدولة في تحقيق نمو مرتفع رغم التحديات. ففي ظل أزمات الطاقة، واضطرابات سلاسل التوريد، وتقلبات أسواق المال العالمية، استطاعت الإمارات أن تسجّل:
- استقرارًا في أسعار السلع والخدمات.
- تحسنًا في بيئة الأعمال.
- تدفقات استثمارية متزايدة في القطاعات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة.
كما يعكس الأداء الجيد للناتج غير النفطي صمود الاقتصاد أمام تقلبات أسعار النفط، وهو مؤشر على جاهزية الإمارات لمرحلة ما بعد النفط.
الناتج المحلي الإجمالي للإمارات”
تكمن أهمية الكلمة المفتاحية “الناتج المحلي الإجمالي للإمارات” في كونها البوصلة التي تعكس الحالة الاقتصادية العامة، فهي تمثل حجم النشاط الاقتصادي الإجمالي داخل الدولة. وفي عام 2024، لم تكن المؤشرات الرقمية سوى ترجمة مباشرة لجهود تراكمية تقودها سياسات حكومية مدروسة، واستثمارات استراتيجية، وانفتاح اقتصادي مدروس.
من خلال هذا المؤشر، يمكن قياس:
- معدل النمو السنوي.
- كفاءة القطاعات الإنتاجية.
- نسب الاستهلاك والادخار.
- قدرة الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية الخارجية.
ختامًا
ختامًا، ما أظهره الأداء الاقتصادي للإمارات في 2024 ليس سوى محطة ضمن مسار طويل من الطموحات والرؤى المستقبلية. ومع استمرار الدولة في تعزيز التنويع، وتحفيز الابتكار، واستقطاب الاستثمارات، فإن الناتج المحلي الإجمالي للإمارات سيبقى مرآة صادقة تعكس تطورها الاقتصادي ونجاحاتها المتواصلة.
إن كنت من المهتمين بالشأن الاقتصادي في المنطقة، فإن مراقبة تجربة الإمارات ستظل مصدرًا غنيًا بالإلهام والدروس، فابقَ متابعًا لتحولات هذا النموذج المتميز.