إنفستوبيا 2025 خارطة الطريق نحو اقتصاد عالمي أكثر مرونة

لا تنجح الدول إلا إذا كانت تملك رؤية استراتيجية وقدرة على التكيّف والاستباق. ولعل ما تجسّد في فعالية “إنفستوبيا 2025” يعكس نموذجًا إماراتيًا رائدًا يرسم معالم اقتصاد المستقبل، قائم على الشراكة، والابتكار، والمرونة.
هذه المنصة العالمية، التي نظّمتها وزارة الاقتصاد الإماراتية تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، لم تكن مجرد مؤتمر، بل خارطة طريق اقتصادية متكاملة نحو استدامة النمو، وإعادة صياغة دور ريادة الأعمال، وتعزيز مكانة الإمارات كمركز عالمي للاستثمار والتكنولوجيا.
منصة دولية للنقاش وصنع القرار
ضمّت “إنفستوبيا 2025” أكثر من 3000 مشارك من 20 دولة، ونُظّم خلالها 51 جلسة نقاشية و15 اجتماع طاولة مستديرة، شارك فيها قادة حكومات، وزراء، رجال أعمال، مستثمرون، أكاديميون، وخبراء في الاقتصاد.
ناقشت الجلسات التحديات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، مثل:
- التغيرات الجيوسياسية وتأثيراتها.
- أزمة الديون العالمية.
- تداعيات رفع أسعار الفائدة على القطاع الخاص.
- سبل بناء اقتصاد دائري مستدام.
ما يميز “إنفستوبيا” هو الدمج بين الرؤية السياسية والاستثمار العملي، حيث تم خلالها توقيع 31 اتفاقية شراكة ومذكرة تفاهم، منها 14 شراكة جديدة ضمن المبادرة.

اقتصاد المستقبل من التعاون إلى التنفيذ
تمحورت المبادرات الرئيسية حول دعم قطاعات الاقتصاد الجديد، مثل:
- الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة.
- الاقتصاد الدائري والتكنولوجيا المالية.
- ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
كما استضافت القمة فعالية “100 شركة من المستقبل”، التي شملت الإعلان عن قائمة 100 شركة مبتكرة لعام 2024، وتنظيم جلسات لبحث تمكين الشركات الناشئة وتوسيع نطاق أعمالها.
ومن خلال هذه المبادرات، تتضح رغبة الإمارات في تحويل الفعاليات من منابر للنقاش إلى محركات للتنفيذ والتأثير.
ريادة الأعمال قلب الاقتصاد الجديد
في قلب إنفستوبيا، برز التركيز على الشركات الناشئة وريادة الأعمال كوسيلة لتعزيز الاقتصاد الوطني وتمكين الأفراد. فقد تم تسليط الضوء على:
- دعم حاضنات الأعمال مثل Hub71 وكلية أبوظبي للإدارة.
- مبادرات التمويل للشركات الناشئة.
- الشراكات بين القطاع الحكومي والخاص لتوسيع النطاق الإقليمي.
وفي هذا السياق، تم توقيع اتفاقيات استراتيجية مع مسرعات أعمال وجهات أكاديمية بارزة، بهدف خلق منظومة ريادية قادرة على مواكبة النمو السريع.
الاستثمار في التحديات التكنولوجيا والبيئة والأمن الغذائي
من الملاحظ أن إنفستوبيا 2025 لم تركز فقط على الاستثمار في الفرص، بل استثمرت في مواجهة التحديات:
- تعزيز الاستثمار في الأمن الغذائي والتكنولوجيا الزراعية.
- دعم التحول نحو الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر.
- تسليط الضوء على أهمية الذكاء الاصطناعي كأداة مستقبلية لإعادة صياغة الخدمات الحكومية والخاصة.
بل وتم طرح رؤى جديدة لحماية استثمارات المعادن الثمينة وتنويع المحافظ الاستثمارية، لتكون أدوات حقيقية لمواجهة المخاطر المستقبلية.
قمة الأعمال الصينية – العربية جسر جديد بين آسيا والعالم العربي
أحد المحاور اللافتة في إنفستوبيا 2025 كان انعقاد قمة رواد الأعمال الصينيين والعرب، وهي منصة جديدة لتعزيز التعاون العربي الآسيوي في مجالات:
- التكنولوجيا والاستثمار.
- الطاقة والتغير المناخي.
- الأمن الغذائي والذكاء الاصطناعي.
شاركت في القمة نخبة من القادة وصنّاع القرار من أكثر من 100 دولة، مما يعكس رغبة الإمارات في توسيع تحالفاتها الاقتصادية بعيدًا عن النمط التقليدي الغربي.
Next50 شركات محلية تقود النمو من الداخل
استعرضت المبادرة الرائدة “Next50” مجموعة من أقوى 50 شركة إماراتية من مختلف القطاعات (التمويل، السياحة، البناء…) التي تجاوزت عائداتها المشتركة عشرات المليارات.
تهدف المبادرة إلى:
- تسريع الابتكار المحلي.
- دعم القطاعات الناشئة.
- تحويل هذه الشركات إلى قوة دفع اقتصادية محلية تتكامل مع الاستراتيجية الوطنية.
إنفستوبيا وشبكة الشركاء تكامل محلي ودولي
حظيت “إنفستوبيا 2025” بدعم شبكة واسعة من الشركاء المحليين والدوليين من بينهم:
- وزارة الاستثمار.
- شركة ADQ.
- صندوق “مجــرى” للمسؤولية المجتمعية.
- مؤسسات عالمية مثل DHL، EFG، WIO، OSN، وSTARZPLAYS.
ويعكس هذا التنوع أن إنفستوبيا ليست مبادرة حكومية فقط، بل تحالف اقتصادي شامل متعدد الجنسيات.
إنفستوبيا الاقتصاد الذي يستشرف الغد
تمثل “إنفستوبيا 2025” مظلة فكرية وتنفيذية تستهدف بناء اقتصاد مرن ومتنوع. ومن خلال الجمع بين القادة والمبتكرين والشركات، ترسّخ الإمارات دورها كبيئة جاذبة للاستثمار، وحاضنة للمشاريع المستقبلية، وصاحبة أثر حقيقي في صناعة القرار العالمي.
ختامًا
“إنفستوبيا 2025” لم تكن فعالية عابرة، بل محطة تأسيسية لما هو قادم. هي رسالة من الإمارات إلى العالم مفادها أن التنمية لا تنتظر، بل تُبنى بأدوات العلم، والشراكة، والجرأة في رسم مستقبل مختلف.
إذا أردت أن ترى كيف تتحول دولة إلى مختبر للتنمية، ومركز للفكر الاقتصادي العالمي، فانظر إلى إنفستوبيا… واقرأ مستقبل الاستثمار من الآن.