مصر تخفض إمدادات الغاز لمصانع الأسمدة لمدة 15 يوم | وخسائر فادحة في البورصة

في خطوة مفاجئة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الاقتصادية والصناعية، أعلنت كبرى شركات الأسمدة المدرجة في البورصة المصرية عن خفض إمدادات الغاز الطبيعي الموردة إليها لمدة أسبوعين.
ويأتي هذا القرار وفقًا ل CNN في وقتٍ تعاني فيه مصر من ضغوط متزايدة على مواردها من الطاقة، وسط ارتفاع درجات الحرارة وتزايد الطلب المحلي على الكهرباء والغاز، ما يضع الصناعة الزراعية أمام تحديات حقيقية قد تمتد آثارها إلى أسعار السلع والمنتجات الأساسية.
انخفاض مفاجئ في الإنتاج وخسائر فادحة في البورصة
بحسب إفصاحات رسمية لشركتي “موبكو” و”أبو قير للأسمدة”، تسبب تقليص إمدادات الغاز الطبيعي في خفض إنتاج الأسمدة بنسبة 30%، وهي نسبة كبيرة بالنظر إلى حجم الطلب المحلي والدولي على المنتجات الزراعية. وعلى الفور، انعكست هذه الأنباء سلبًا على أداء أسهم الشركات في البورصة المصرية.

فقد سجل قطاع الموارد الأساسية تراجعًا بنسبة 3.6% خلال جلسات الأسبوع، وهبط سهم شركة “موبكو” بنسبة 3.78% ليغلق عند 37.9 جنيهًا، بينما خسر سهم “أبو قير للأسمدة” نسبة 7.2% ليغلق عند 49 جنيهًا. وتُعد هذه الشركات من أبرز مصادر الأسمدة في السوق المصري، مما يجعل أي اضطراب في إنتاجها أمرًا بالغ التأثير على القطاع الزراعي بأكمله.
أزمة الغاز في مصر والتراكمات الممتدة منذ سنوات
ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها مصر تحديات في توفير إمدادات الغاز. على مدار العامين الماضيين، تكررت الأزمات نتيجة توقف عمليات تنمية الحقول الغازية، إضافة إلى تراكم مستحقات الشركاء الأجانب، مما أدى إلى تراجع كميات الغاز المنتجة محليًا.
في الوقت ذاته، ارتفع الاستهلاك المحلي بشكل كبير، مدفوعًا بزيادة الطلب على الكهرباء، خاصة مع موجات الحرارة العالية، فضلًا عن التوسع العمراني الكبير الذي شهدته البلاد مؤخرًا، واحتياجات المدن الجديدة والمصانع الناشئة من الطاقة.
الحكومة تلتزم الصمت.. والإعلام يشير إلى أعمال صيانة
رغم أهمية القرار وتأثيره المباشر على قطاعات حيوية، لم تُصدر الحكومة المصرية بيانًا رسميًا يوضح ملابسات وأسباب تقليص الإمدادات. غير أن وسائل إعلام محلية أشارت إلى أن السبب يعود إلى أعمال صيانة دورية في أحد خطوط الغاز التي تُورد لمصر من دول الجوار، مما استدعى خفض الكميات المتاحة مؤقتًا.
وفي غياب التوضيحات الرسمية، تبقى التكهنات قائمة حول ما إذا كانت هذه الأزمة مؤقتة أم أنها تعكس مشكلة أعمق في سياسة إدارة الطاقة داخل البلاد.
أصوات من داخل القطاع الصناعي والقلق يسيطر
محمد الخشن، رئيس شركة “إيفرجرو للأسمدة” وعضو الاتحاد العربي للأسمدة، أشار في تصريحات خاصة إلى أن تأثير خفض الإمدادات كان كبيرًا على شركات إنتاج الأسمدة النيتروجينية، التي تعتمد بشكل رئيسي على الغاز الطبيعي. وأكد أن هذا التراجع في الإنتاج سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الزراعة، وربما يؤثر على أسعار المحاصيل الغذائية، ما يضيف أعباء جديدة على المزارعين والمستهلكين في آن واحد.
وأضاف الخشن أن الحكومة أخطرت المصانع بتخفيض الإمدادات لمدة 15 يومًا، وقد انقضى منها أربعة أيام بالفعل، مشيرًا إلى أن هناك توقعات بعودة الإمدادات لطبيعتها في غضون عشرة أيام، ما لم تطرأ مستجدات تؤخر عمليات الصيانة أو تزيد من استهلاك الغاز في القطاعات الأخرى.
مصانع البتروكيماويات استثناء من الأزمة الحالية
على النقيض من ذلك، أوضح محمد إبراهيم، رئيس مجلس إدارة شركة “سيدي كرير للبتروكيماويات”، أن مصانع البتروكيماويات لم تتأثر بالقرار، نظرًا لاعتمادها على الغاز الثقيل وليس الغاز الطبيعي المستخدم في إنتاج الأسمدة. وأكد أن إمدادات الغاز لهذه المصانع لا تزال مستقرة، والعمل بها يسير بمعدلاته الطبيعية دون أي اضطرابات.
هذا التباين في التأثير بين قطاعات الصناعات الكيماوية يُسلط الضوء على أهمية تنويع مصادر الطاقة واستخدام أنظمة إنتاج مختلفة لتفادي الأزمات المفاجئة.
انعكاسات مستقبلية على الزراعة وسوق الأسمدة
مع تراجع إنتاج الأسمدة وتزايد تكاليفها، من المتوقع أن تتأثر سلاسل الإنتاج الزراعي في مصر، خاصة بالنسبة للمزارعين الذين يعتمدون بشكل كبير على الأسمدة النيتروجينية. وقد يؤدي ذلك إلى تقليص المساحات المزروعة أو انخفاض الإنتاجية، وهو ما قد يُفضي في نهاية المطاف إلى ارتفاع أسعار السلع الزراعية في السوق المحلي.
كما أن الأسواق التصديرية قد تتأثر، حيث تُعد مصر من أبرز مصدري الأسمدة في المنطقة، وأي انخفاض في الإنتاج قد يخل بالتزامات التصدير ويؤثر على العملة الأجنبية المتدفقة من هذا القطاع الحيوي.
ختامًا
تُظهر هذه الأزمة الحاجة الملحة لإعادة تقييم استراتيجية الطاقة في مصر، خاصة فيما يتعلق بإمدادات الغاز الطبيعي للصناعات الاستراتيجية. ومع التوسع الصناعي والعمراني المستمر، يجب على الحكومة تعزيز قدرات التكرير والإنتاج المحلي، وتسريع مشروعات التنقيب، وتسوية مستحقات الشركاء الأجانب لضمان استمرار الاستثمارات في قطاع الطاقة.
كما أن التنسيق المسبق مع المصانع، وإصدار بيانات واضحة عند اتخاذ قرارات مؤثرة، سيكون له دور كبير في تقليل الاضطرابات وتخفيف الآثار السلبية على الاقتصاد.