توقعات أسعار الفائدة الفيدرالية لشهري يوليو وسبتمبر 2025

تشهد أسواق المال الأميركية والعالمية حالة من الترقب المتصاعد تجاه قرارات الاحتياطي الفيدرالي (Federal Reserve) خلال اجتماعيه القادمين في شهري يوليو وسبتمبر. ويُعَد هذا الترقب ناتجًا عن حالة عدم اليقين التي تسيطر على مستقبل السياسة النقدية، خصوصًا بعد سلسلة من رفع الفائدة المستمرة منذ عام 2022، في محاولة لكبح التضخم المتسارع الذي بلغ مستويات تاريخية بعد جائحة كورونا والتوترات الجيوسياسية.
ما هي أداة FedWatch ولماذا تهمنا؟
تُعد أداة CME FedWatch Tool واحدة من أهم المؤشرات السوقية التي تستخدمها المؤسسات المالية لتوقع تحركات أسعار الفائدة. تعتمد هذه الأداة على تسعير العقود الآجلة للفائدة في السوق، وتقوم بتحليل احتمالات قرارات الاحتياطي الفيدرالي بناءً على هذه الأسعار.

تُحدث الأداة بياناتها يوميًا وتُظهر احتمالات تثبيت أو خفض أو رفع الفائدة، مما يجعلها مرجعًا موثوقًا لتوقعات السياسة النقدية قصيرة الأجل.
اجتماع يوليو 2025 مع ثبات شبه مؤكد
تشير توقعات السوق بناءً على FedWatch إلى أن الاحتياطي الفيدرالي من المرجح بنسبة 94.8% أن يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه المقرر في 30 يوليو 2025. بينما لا تتجاوز نسبة الاحتمال لخفض الفائدة 5.2%.
هذا الانحياز شبه الكامل لتثبيت الفائدة يعكس مدى الحذر الذي يتبناه الفيدرالي، لا سيما أن التضخم لا يزال بعيدًا عن المستوى المستهدف (2%)، رغم التباطؤ الطفيف في بيانات الأشهر الأخيرة. وفي ظل غياب إشارات واضحة على تدهور حاد في النشاط الاقتصادي أو تفكك في سوق العمل، فإن الفيدرالي لا يجد مبررًا لتسريع التيسير النقدي في هذا التوقيت.
اجتماع سبتمبر 2025 وبداية التغيير المحتمل
على عكس يوليو، يُتوقع أن يشهد اجتماع 17 سبتمبر 2025 تحركًا في سياسة الفائدة. حيث توضح بيانات FedWatch النسب التالية:
- 39.6% احتمال تثبيت الفائدة.
- 57.4% احتمال خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.
- 3% احتمال خفض مزدوج بمقدار 50 نقطة أساس.
تشير هذه التوزيعات إلى أن الأسواق بدأت في تسعير أول خطوة نحو التحوّل من التشديد إلى التيسير، خاصة إذا ما استمرت المؤشرات الاقتصادية في التباطؤ التدريجي الذي شهده الربع الثاني من 2025.
دوافع الفيدرالي بين التضخم والبطالة
تكمن معضلة الاحتياطي الفيدرالي في موازنة هدفين متضاربين: السيطرة على التضخم من جهة، والحفاظ على زخم النمو من جهة أخرى. ورغم تباطؤ معدل التضخم (الذي كان قد تجاوز 8% عام 2022)، إلا أنه لا يزال أعلى من النطاق الآمن، مما يُصعّب من مهمة الفيدرالي في اتخاذ قرار الخفض.
من جهة أخرى، فإن سوق العمل الأميركي لا يزال قويًا، مع انخفاض معدلات البطالة واستقرار معدل خلق الوظائف. هذه العوامل تجعل الفيدرالي حذرًا من اتخاذ أي قرارات قد تُشعل من جديد ضغوط الأسعار.
تأثير التوقعات على الأسواق العالمية
تلعب هذه التوقعات دورًا جوهريًا في تحديد اتجاهات:
- سوق الأسهم الأمريكية: يراهن المستثمرون على أن خفض الفائدة سيُنعش شهية المخاطرة ويعزز من تقييمات الشركات.
- سوق السندات: تؤدي التوقعات بخفض الفائدة إلى ارتفاع أسعار السندات الحالية، ما يدفع المستثمرين للتمركز فيها مبكرًا.
- سوق العملات: أي إشارة نحو التيسير من الفيدرالي تُضعف من الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى، وتُعزز من جاذبية الأصول المقومة بالدولار مثل الذهب.
ماذا يعني هذا للمستثمرين؟
بالنسبة للمستثمرين، فإن مراقبة قرارات الفيدرالي أصبحت ضرورة يومية، خصوصًا لأولئك المتعاملين في أسواق المال، الفوركس، والعقارات. فكل نقطة أساس يتم تحريكها تُحدث موجات كبيرة من إعادة التسعير في الأسواق.
وعليه، فإن الترقب الحالي ليس فقط تجاه ما سيفعله الفيدرالي، بل أيضًا ما سيفعله بعد ذلك، في ظل احتمالات خفض الفائدة مرة أخرى في نهاية العام إذا تراجعت الضغوط التضخمية بشكل ملموس.
الاجتماعات المرتقبة للجنة السوق المفتوحة (FOMC):
- 30 يوليو 2025
- 17 سبتمبر 2025

تُعد هذه الاجتماعات مفصلية في تحديد مستقبل الاقتصاد الأميركي وسوق المال العالمي، وكل الأنظار متجهة نحو البيانات الاقتصادية التي ستصدر خلال الأسابيع القادمة والتي ستحدد ما إذا كان سبتمبر هو فعلاً بداية عصر جديد من التيسير النقدي.
انعكاسات القرار على الأسواق الناشئة والعملات الرقمية
عند الحديث عن قرار الفيدرالي، لا يمكن تجاهل الأثر العالمي الذي تتركه السياسة النقدية الأميركية، خاصة على الأسواق الناشئة التي ترتبط عملاتها وسنداتها ارتباطًا وثيقًا بسعر الفائدة الأميركية. أي خطوة نحو خفض الفائدة تمنح الأسواق الناشئة فرصة لجذب السيولة الأجنبية والاستثمار مجددًا، إذ تصبح تكلفة الاقتراض أقل، وتقل الضغوط على عملاتها المحلية.
وبالمثل، سوق العملات الرقمية يتأثر مباشرة بتوقعات الفائدة، حيث يؤدي التوجه نحو التيسير النقدي عادةً إلى ارتفاع أسعار العملات المشفرة مثل بيتكوين وإيثريوم، باعتبارها أصولًا بديلة يُقبل عليها المستثمرون في بيئات الفائدة المنخفضة.
الموقف السياسي وتأثير الانتخابات الأميركية
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية نهاية 2025، يزداد الضغط غير المباشر على الاحتياطي الفيدرالي لضمان استقرار اقتصادي عام. فرغم أن الفيدرالي هيئة مستقلة، إلا أن البيئة السياسية تُلقي بظلالها على مشهد السياسات الاقتصادية.
خفض الفائدة قد يُساعد في دفع عجلة الاقتصاد، وهو ما قد تستخدمه الإدارة الحالية كورقة انتخابية. ولكن في المقابل، فإن التسرع في الخفض قد يؤدي إلى عودة التضخم. لهذا السبب، تبدو قرارات الفيدرالي القادمة بمثابة توازن دقيق بين الواقع الاقتصادي والاعتبارات الجيوسياسية.
احتمالات قرار الفائدة حسب اجتماع الفيدرالي
تاريخ الاجتماع | خيار الفيدرالي | نسبة الاحتمال (%) |
---|---|---|
30 يوليو 2025 | تثبيت الفائدة | 94.8% |
خفض 25 نقطة أساس | 5.2% | |
17 سبتمبر 2025 | تثبيت الفائدة | 39.6% |
خفض 25 نقطة أساس | 57.4% | |
خفض 50 نقطة أساس (تراكمي) | 3.0% |
المصدر: CME FedWatch Tool – CME Group
الخلاصة
يُجسّد عام 2025 مرحلة مفصلية في السياسة النقدية الأميركية، حيث يوازن الاحتياطي الفيدرالي بين خطر الركود والضغوط التضخمية. اجتماع يوليو يُتوقّع أن يكون محطة مراقبة وجمع بيانات، بينما اجتماع سبتمبر قد يكون بداية لانعطاف نحو خفض تدريجي للفائدة. ورغم أن الأسواق تسعّر هذا السيناريو بحذر، إلا أن كل تحديث للبيانات الاقتصادية قد يُغيّر المعادلة. المستثمرون، بدورهم، يتخذون مواقعهم الاستراتيجية تحسبًا لكل احتمال.