المخاطر والحماية

أشهر أخطاء الأوبشن 》التي يقع فيها المبتدئون | سلسلة الأوبشن (8)

حين يسمع المبتدئ عن الأوبشن، غالبًا ما يُدهش بالأرباح الضخمة التي يحققها بعض المتداولين في وقت قصير. وينسى أخطاء الأوبشن. فالأرقام المغرية والعوائد المضاعفة التي تُعرض على مواقع التواصل أو قنوات اليوتيوب تغري الداخلين الجدد إلى السوق، وتجعلهم يظنون أن الطريق إلى الثروة سهل وسريع.

لكن الحقيقة أن هذه القصص لا تمثل القاعدة، بل هي الاستثناء. التركيز على النتائج وحدها دون النظر إلى حجم المخاطرة، أو عدد الصفقات الخاسرة التي سبقتها، يجعل المبتدئ يتصرف دون حسابات منطقية. يدخل السوق متعجلًا، يشتري عقودًا لا يفهمها بالكامل، ويضع كل أمواله في صفقة واحدة، فقط لأنه رأى شخصًا ربح منها. هذا السلوك العاطفي هو من أكبر أسباب الخسائر في عالم الأوبشن.

تجاهل التفاصيل الدقيقة في عقود الأوبشن

واحدة من أخطر الزوايا التي يغفل عنها المبتدئون هي أن الأوبشن ليس أداة بسيطة تُباع وتُشترى مثل الأسهم. بل هو عقد مركب يحتوي على عناصر دقيقة مثل سعر التنفيذ (Strike Price)، تاريخ الانتهاء، نوع الخيار (Call أو Put)، والعلاوة المدفوعة.

أشهر أخطاء الأوبشن

الفهم السطحي لهذه المفاهيم يجعل المتداول يتخذ قرارات خطرة دون أن يدرك العواقب. مثال شائع: شخص يتوقع أن يرتفع سعر سهم معين، فيشتري Call، لكنه يختار سعر تنفيذ بعيد وتاريخ انتهاء قريب، فيخسر كامل العلاوة رغم صحة توقعه. كل هذه التفاصيل تُظهر أن التعامل مع الأوبشن يحتاج فهمًا عميقًا لا مجرد إحساس بالاتجاه.

إهمال تأثير الزمن على العقود

من الأخطاء التي تتكرر بشكل كبير أن يشتري المبتدئ عقد أوبشن قريب الانتهاء فقط لأنه رخيص الثمن. ما لا يدركه هو أن قيمة هذا العقد تتآكل يومًا بعد يوم بسبب ما يُعرف بـ”ثيتا” (Time Decay). هذه الخاصية تجعل قيمة الخيار تتناقص تدريجيًا مع اقتراب تاريخ الانتهاء، حتى لو لم يتغير سعر السهم نفسه.

النتيجة؟ يجد المتداول نفسه خاسرًا تدريجيًا دون أن يفهم لماذا، رغم أن السوق لم يتحرك ضده. تجاهل عنصر الزمن يجعل التداول أقرب إلى لعبة حظ عشوائية منه إلى قرار مالي مدروس.

التداول العشوائي بلا خطة واضحة

كثيرون يدخلون سوق الأوبشن بروح المغامرة لا بروح الاستثمار. يتنقلون بين استراتيجيات متنوعة دون فهم حقيقي لأي منها، يطاردون التوصيات من هنا وهناك، يفتحون صفقات في كل الاتجاهات، ولا يلتزمون بأي خطة. والنتيجة؟ محفظة مليئة بالعقود المشتتة، وخسائر متراكمة بلا تفسير.

السوق لا يرحم من لا يملك خطة، والنجاح في الأوبشن يبدأ بوضع أهداف واضحة، وتحديد استراتيجيات مسبقة، والالتزام التام بها دون انحراف.

من ظمن أخطاء الأوبشن التغافل عن التقلب الضمني

التقلب الضمني (Implied Volatility) هو أحد العوامل الأساسية التي تحدد سعر عقود الأوبشن. ومع ذلك، يتجاهله كثير من المبتدئين، فيظنون أن العقد الرخيص فرصة ذهبية. لكن في الحقيقة، قد يكون هذا العقد “باهظ الثمن” من حيث القيمة الزمنية أو نسبة الخطر، بسبب ارتفاع التقلب المتوقع.

وحين يهدأ السوق فجأة، تنهار قيمة العقد، حتى لو تحرك السهم كما أراد المتداول. عدم فهم كيفية تأثير التقلب الضمني على تسعير العقود يؤدي إلى دخول صفقات غير متزنة، مليئة بالمخاطر غير المرئية.

التعلق العاطفي بالعقود الخاسرة

في كثير من الأحيان، يجد المبتدئ نفسه متعلقًا بعقد خاسر، يرفض الخروج منه رغم وضوح الاتجاه الخاطئ. ينتظر معجزة، أو يحاول تبرير الصفقة لنفسه، بدلًا من إغلاقها والحد من الخسائر. هذه العاطفة تجاه المال، والخوف من الاعتراف بالخسارة، تؤدي إلى نتائج كارثية. فالعقد الذي كان من الممكن أن يخسر منه 30%، يتحول إلى خسارة كاملة بنسبة 100% لأنه لم يتخذ قرار الخروج في الوقت المناسب. في سوق الأوبشن، الخسارة الصغيرة هي جزء من اللعبة، والذكاء هو في تقليصها لا إنكارها.

عدم مراجعة الأداء وتكرار الأخطاء

التداول الناجح لا يُبنى على الحظ، بل على التعلم المستمر. كثير من المبتدئين لا يُراجعون صفقاتهم السابقة، ولا يسألون أنفسهم: لماذا خسرت هنا؟ لماذا ربحت هناك؟ يكررون نفس الأخطاء، ويتنقلون من استراتيجية لأخرى دون دراسة. بينما المحترفون يُدونون كل صفقة، يُحللون نتائجهم، ويطورون استراتيجياتهم بناءً على الخبرة والتجربة، لا على الانفعال أو الحدس.

سوء إدارة رأس المال

واحدة من أكثر الأخطاء تدميرًا للمبتدئين هي المخاطرة بنسبة كبيرة من رأس المال في صفقة واحدة. البعض يضع 50% أو حتى 100% من محفظته في عقد واحد، فإذا فشل، خسر كل شيء. إدارة رأس المال هي صمام الأمان في سوق شديد التقلب كالأوبشن.

تخصيص نسبة صغيرة من المحفظة لكل صفقة، وتحديد مستويات إيقاف الخسارة، والاحتفاظ بجزء احتياطي للطوارئ، كلها عوامل تجعل المتداول قادرًا على البقاء في السوق حتى لو خسر عدة مرات.

إهمال الحسابات التجريبية

كثيرون يندفعون للتداول الحقيقي قبل أن يجربوا على حساب وهمي. والحقيقة أن الحساب التجريبي هو فرصة ذهبية لتعلم السوق بدون مخاطرة. يمكنك اختبار استراتيجياتك، وفهم حركة الأسعار، وتجربة تأثير الزمن والتقلبات على العقود، وكل هذا دون أن تخسر فلسًا واحدًا. من يهمل هذه الخطوة، يُعَرّض نفسه لأخطاء مكلفة كان يمكن تجنبها بسهولة.

إشارات تحذيرية للمبتدئ

  • دخول السوق بهدف الربح السريع فقط
  • تجاهل التعلم النظري والعملي
  • اختيار عقود قريبة الانتهاء بشكل عشوائي
  • التعلق العاطفي بالصفقات الخاسرة
  • التداول دون خطة واضحة أو تحليل مسبق
  • استخدام رأس مال كبير دون استراتيجية حماية
  • الغفلة عن المفاهيم الأساسية مثل التقلب والزمن

كيف تتجنب هذه الأخطاء؟

  1. تعلّم أساسيات عقود الأوبشن بعمق قبل التداول
  2. ابدأ بالحساب التجريبي واختبر استراتيجياتك
  3. لا تخاطر بأكثر من 5-10% من محفظتك في صفقة واحدة
  4. التزم باستراتيجية محددة وقم بتقييم نتائجها دوريًا
  5. لا تدخل في أي عقد دون فهم سعر التنفيذ والتاريخ والعلاوة
  6. راقب التقلب الضمني ولا تشتري عقودًا مبالغ في سعرها
  7. لا تتردد في الخروج من العقد إذا لم يخدم خطتك

ختامًا

سوق الأوبشن يحمل فرصًا ضخمة، لكنه ليس ملعبًا عشوائيًا. المبتدئ الذي يدخل دون خطة، ويفتقر للفهم، ويتجاهل إدارة المخاطر، يضع نفسه في مهب الخسائر المتكررة. النجاح هنا لا يعتمد فقط على الحظ، بل على الوعي، والانضباط، والقدرة على التعلّم من الأخطاء. إذا أردت أن تنجح في هذا السوق المعقد، فعليك أن تتعامل معه باحترام، وتستثمر في نفسك أولًا قبل أن تستثمر في أي عقد.

إخلاء مسؤولية

المحتوى الوارد في هذا المقال هو لأغراض تعليمية وتثقيفية فقط، ولا يُعد نصيحة مالية أو استثمارية. سوق الأوبشن يتسم بالتقلب العالي وينطوي على مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى خسارة رأس المال بالكامل.

يُنصح دائمًا بالقيام بالبحث الشخصي، واستشارة مستشار مالي مرخص قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. الكاتب والموقع لا يتحملان أي مسؤولية عن أي خسائر قد تنجم عن استخدام المعلومات المذكورة.

هل يمكن للمبتدئ أن يحقق أرباحًا من تداول الأوبشن؟

نعم، لكن ذلك يتطلب تعلمًا دقيقًا واستيعابًا جيدًا للمخاطر. الأوبشن ليس وسيلة للربح السريع كما يظن البعض، بل أداة تحتاج إلى استراتيجيات مدروسة.

ما الخطأ الأكثر شيوعًا في الأوبشن بين المبتدئين؟

أحد أكثر الأخطاء شيوعًا هو الدخول في صفقات بدون فهم لمفهوم “التقلب الضمني” أو دون مراعاة قيمة الوقت في عقود الخيارات، مما يؤدي إلى قرارات غير مدروسة.

هل من الضروري فهم الـ “Greeks” قبل التداول؟

نعم، فهم دلتا، ثيتا، فيغا، وغيرها من الـ Greeks ضروري لتحليل أداء العقد والتنبؤ بكيفية تغير قيمته مع مرور الوقت أو تحرك السعر.

هل التداول في الخيارات اليومية (0DTE) مناسب للمبتدئين؟

غالبًا لا. هذا النوع من التداول يتطلب خبرة وسرعة في اتخاذ القرار، وقد يؤدي إلى خسائر فادحة إذا لم يكن المستثمر مستعدًا تمامًا.

كيف أتجنب الوقوع في هذه الأخطاء؟

ابدأ بالتعلم من مصادر موثوقة، جرب الحسابات التجريبية، وابتعد عن اتخاذ قرارات عاطفية. لا تستثمر أبدًا أموالًا لا يمكنك تحمل خسارتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم حاجب الأعلانات!!!!

الرجاء ايقاف حاجب الاعلانات للاستمرار في مشاهدة المحتوى